غزوات ومعارك-** غزو الصين **
*****************************
أعلن قتيبة سنة 96 هـ النفير العام ، لأنه قرر العبور من فرغانة إلى الصين ، ضمن الخطة التي رسمها الحجاج بن يوسف الثقفي ، الذي خاطب قتيبة وابن القاسم بقوله : ( أيكما سبق إلى الصين ، فهو عامل عليها وعلى صاحبها ) ، وكما جاء في البداية والنهاية : ( ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين ، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها ) .
أعلن قتيبة التعبئة العامة ، وقال : ( لا يجوزن أحد [ نهر جيحون عائداً إلى مرو] إلا بجواز ) ، أي بإذن رسمي خطي يؤهله العودة من ما وراء النهر إلى مرو ، ومضى قتيبة وجنده إلى فرغانة ، وأرسل إلى شعب عصام سلاح المهندسين ( الفَعَلَة ) ليسهلوا له الطريق إلى كاشغر ، وهي أدنى مدائن الصين.
لقد فتح قتيبة مدينة كاشغر ، وعبر بذلك نهر سيحون ، النهر الذي يشكل الحد الطبيعي الفاصل بين الفرس والترك وبين المغول ، وعبور قتيبة له كان أول تحد مباشر من المسلمين للشعوب المغولية .
طلب إمبراطور الصين ( يوانغ جونغ ) بعد فتح كاشغر وفداً يمثل قتيبة ، وكتب إلى قتيبة كتاباً جاء فيه : ( ابعث إلينا رجلاً من أشراف من معكم يخبرنا عنكم ، ونسائله عن دينكم ) ، فانتخب قتيبة من عسكره اثني عشر رجلاً من أفناء القبائل ، لهم جمال وأجسام وألسن وشعور وبأس ، بعدما سأل عنهم فوجدهم من صالح من هم منه ، فكلمهم قتيبة وفاطنهم فرأى عقولاً وجمالاً ، فأمر لهم بعدة حسنة من السلاح والمتاع الجيد من الخز والوشي واللين من البياض والرقيق والنعال والعطر ، وحملهم على خيول مطهمة تقاد معهم ، ودواب يركبونها .
وكان هبيرة بن المشمرج الكلابي مفوهاً بسيط اللسان فقال قتيبة : يا هبيرة كيف أنت صانع ؟ قال : أصلح الله الأمير ، قد كفيت الأدب وقل ما شئت أقله وآخذ به ، قال : سيروا على بركة الله وبالله التوفيق ، لا تضعوا العمائم عنكم حتى تقدموا البلاد ، فإذا دخلتم عليه فأعلموه أني قد حلفت ألا أنصرف حتى أطأ بلادهم ، وأختم ملوكهم ، وأجبي خراجهم .
سار الوفد ، وعليهم هبيرة بن المشمرج ، فلما قدموا أرسل إليهم ملك الصين يدعوهم ، فدخلوا الحمام ثم خرجوا فلبسوا ثياباً بياضاً تحتها الغلائل – الثياب الذي يلبس تحت الدروع – ثم مسوا الغالية – نوع من الطيب – ، وتدخنوا ولبسوا النعال والأردية ، ودخلوا عليه ، وعنده عظماء أهل مملكته ، فجلسوا فلم يكلمهم الملك ولا أحد من جلسائه فنهضوا ، فقال الملك لمن حضره : كيف رأيتم هؤلاء ؟ قالوا : رأينا قوماً ما هم إلا نساء ، ما بقي منا أحد حين رآهم ووجد رائحتهم إلا اشتهى النساء .
فلما كان الغد أرسل إليهم فلبسوا الوشي وعمائم الخز والمطارف وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم : ارجعوا ، فقال لأصحابه : كيف رأيتم هذه الهيئة ؟ قالوا : هذه الهيئة أشبه بهيئة الرجال من تلك الأولى ، وهم أولئك .
فلما كان اليوم الثالث أرسل إليهم ، فشدوا عليهم سلاحهم ، ولبسوا البيض والمغافر ، وتقلدوا السيوف ، وأخذوا الرماح ، وتنكبوا القسي ، وركبوا خيولهم ، وغدوا ، فنظر إليهم صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة ، فلما دنوا ركزوا رماحهم ، ثم أقبلوا نحوهم مشمرين ، فقيل لهم قبل أن يدخلوا : ارجعوا ، لما دخل قلوبهم من خوفهم . فانصرفوا فركبوا خيولهم ، واختلجوا رماحهم ، ثم دفعوا خيولهم كأنهم يتطاردون بها ، فقال الملك لأصحابه : كيف ترونهم ؟ قالوا : مارأينا مثل هؤلاء قط .
فلما أمسى أرسل إليهم الملك ، أن ابعثوا إلي زعيمكم وأفضلكم رجلاً ، فبعثوا إليه هبيرة ، فقال له حين دخل عليه : قد رأيتم عظيم ملكي ، وإنه ليس أحد يمنعكم مني ، وأنتم في بلادي ، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي ، وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم ، قال : سل ، قال : لم صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث ؟
قال هبيرة : أما زينا في يومنا الأول فلباسنا في أهالينا وريحنا عندهم ، وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا ، وأما اليوم الثالث فزينا لعدونا ، فإذا هاجنا هيج وفزع كنا هكذا ، قال الملك : ما أحسن ما دبرتم دهركم ! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف ، فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه ، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه ، قال له هبيرة : كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون – بلاد الشام - ! وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادراً عليها وغزاك ! وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل ، فلسنا نكرهه ولا نخافه .
فقال ملك الصين : فما الذي يرضي صاحبك ؟ فقال هبيرة : إنه قد حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم ، ويختم ملوككم ، ويعطى الجزية ، فقال ملك الصين : فإنا نخرجه من يمينه ، نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطؤه ، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم ، ونبعث إليه بجزية يرضاها ، ثم دعا بصحاف من ذهب فيها تراب ، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم ، ثم أجازهم فأحسن جوائزهم ، فساروا فقدموا بما بعث به ، فقبل قتيبة الجزية ، وختم الغلمة ، وردهم ، ووطئ التراب .
وبعد فتح كاشغر جاء إلى قتيبة خبر موت الوليد بن عبدالملك أمير المؤمنين ، وتولي سليمان بن عبدالملك مكانه ، فانكسرت همته لذلك ، وعاد أدراجه ، فقتل في فرغانة .
قادة الفتح الإسلامي في بلاد ماوراء النهر لمحمود شيت خطاب ، وفتح سمرقند لشوقي أبو خليل
*****************************
أعلن قتيبة سنة 96 هـ النفير العام ، لأنه قرر العبور من فرغانة إلى الصين ، ضمن الخطة التي رسمها الحجاج بن يوسف الثقفي ، الذي خاطب قتيبة وابن القاسم بقوله : ( أيكما سبق إلى الصين ، فهو عامل عليها وعلى صاحبها ) ، وكما جاء في البداية والنهاية : ( ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين ، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها ) .
أعلن قتيبة التعبئة العامة ، وقال : ( لا يجوزن أحد [ نهر جيحون عائداً إلى مرو] إلا بجواز ) ، أي بإذن رسمي خطي يؤهله العودة من ما وراء النهر إلى مرو ، ومضى قتيبة وجنده إلى فرغانة ، وأرسل إلى شعب عصام سلاح المهندسين ( الفَعَلَة ) ليسهلوا له الطريق إلى كاشغر ، وهي أدنى مدائن الصين.
لقد فتح قتيبة مدينة كاشغر ، وعبر بذلك نهر سيحون ، النهر الذي يشكل الحد الطبيعي الفاصل بين الفرس والترك وبين المغول ، وعبور قتيبة له كان أول تحد مباشر من المسلمين للشعوب المغولية .
طلب إمبراطور الصين ( يوانغ جونغ ) بعد فتح كاشغر وفداً يمثل قتيبة ، وكتب إلى قتيبة كتاباً جاء فيه : ( ابعث إلينا رجلاً من أشراف من معكم يخبرنا عنكم ، ونسائله عن دينكم ) ، فانتخب قتيبة من عسكره اثني عشر رجلاً من أفناء القبائل ، لهم جمال وأجسام وألسن وشعور وبأس ، بعدما سأل عنهم فوجدهم من صالح من هم منه ، فكلمهم قتيبة وفاطنهم فرأى عقولاً وجمالاً ، فأمر لهم بعدة حسنة من السلاح والمتاع الجيد من الخز والوشي واللين من البياض والرقيق والنعال والعطر ، وحملهم على خيول مطهمة تقاد معهم ، ودواب يركبونها .
وكان هبيرة بن المشمرج الكلابي مفوهاً بسيط اللسان فقال قتيبة : يا هبيرة كيف أنت صانع ؟ قال : أصلح الله الأمير ، قد كفيت الأدب وقل ما شئت أقله وآخذ به ، قال : سيروا على بركة الله وبالله التوفيق ، لا تضعوا العمائم عنكم حتى تقدموا البلاد ، فإذا دخلتم عليه فأعلموه أني قد حلفت ألا أنصرف حتى أطأ بلادهم ، وأختم ملوكهم ، وأجبي خراجهم .
سار الوفد ، وعليهم هبيرة بن المشمرج ، فلما قدموا أرسل إليهم ملك الصين يدعوهم ، فدخلوا الحمام ثم خرجوا فلبسوا ثياباً بياضاً تحتها الغلائل – الثياب الذي يلبس تحت الدروع – ثم مسوا الغالية – نوع من الطيب – ، وتدخنوا ولبسوا النعال والأردية ، ودخلوا عليه ، وعنده عظماء أهل مملكته ، فجلسوا فلم يكلمهم الملك ولا أحد من جلسائه فنهضوا ، فقال الملك لمن حضره : كيف رأيتم هؤلاء ؟ قالوا : رأينا قوماً ما هم إلا نساء ، ما بقي منا أحد حين رآهم ووجد رائحتهم إلا اشتهى النساء .
فلما كان الغد أرسل إليهم فلبسوا الوشي وعمائم الخز والمطارف وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم : ارجعوا ، فقال لأصحابه : كيف رأيتم هذه الهيئة ؟ قالوا : هذه الهيئة أشبه بهيئة الرجال من تلك الأولى ، وهم أولئك .
فلما كان اليوم الثالث أرسل إليهم ، فشدوا عليهم سلاحهم ، ولبسوا البيض والمغافر ، وتقلدوا السيوف ، وأخذوا الرماح ، وتنكبوا القسي ، وركبوا خيولهم ، وغدوا ، فنظر إليهم صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة ، فلما دنوا ركزوا رماحهم ، ثم أقبلوا نحوهم مشمرين ، فقيل لهم قبل أن يدخلوا : ارجعوا ، لما دخل قلوبهم من خوفهم . فانصرفوا فركبوا خيولهم ، واختلجوا رماحهم ، ثم دفعوا خيولهم كأنهم يتطاردون بها ، فقال الملك لأصحابه : كيف ترونهم ؟ قالوا : مارأينا مثل هؤلاء قط .
فلما أمسى أرسل إليهم الملك ، أن ابعثوا إلي زعيمكم وأفضلكم رجلاً ، فبعثوا إليه هبيرة ، فقال له حين دخل عليه : قد رأيتم عظيم ملكي ، وإنه ليس أحد يمنعكم مني ، وأنتم في بلادي ، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي ، وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم ، قال : سل ، قال : لم صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث ؟
قال هبيرة : أما زينا في يومنا الأول فلباسنا في أهالينا وريحنا عندهم ، وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا ، وأما اليوم الثالث فزينا لعدونا ، فإذا هاجنا هيج وفزع كنا هكذا ، قال الملك : ما أحسن ما دبرتم دهركم ! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف ، فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه ، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه ، قال له هبيرة : كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون – بلاد الشام - ! وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادراً عليها وغزاك ! وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل ، فلسنا نكرهه ولا نخافه .
فقال ملك الصين : فما الذي يرضي صاحبك ؟ فقال هبيرة : إنه قد حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم ، ويختم ملوككم ، ويعطى الجزية ، فقال ملك الصين : فإنا نخرجه من يمينه ، نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطؤه ، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم ، ونبعث إليه بجزية يرضاها ، ثم دعا بصحاف من ذهب فيها تراب ، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم ، ثم أجازهم فأحسن جوائزهم ، فساروا فقدموا بما بعث به ، فقبل قتيبة الجزية ، وختم الغلمة ، وردهم ، ووطئ التراب .
وبعد فتح كاشغر جاء إلى قتيبة خبر موت الوليد بن عبدالملك أمير المؤمنين ، وتولي سليمان بن عبدالملك مكانه ، فانكسرت همته لذلك ، وعاد أدراجه ، فقتل في فرغانة .
قادة الفتح الإسلامي في بلاد ماوراء النهر لمحمود شيت خطاب ، وفتح سمرقند لشوقي أبو خليل
الأحد أغسطس 02, 2009 4:24 pm من طرف admin
» لنقل موقع من سيرفر الى سيرفر
الإثنين سبتمبر 29, 2008 5:14 pm من طرف admin
» شرح كيفية الدخول الى سيرفرك عن طريق الـ ssh
الإثنين سبتمبر 29, 2008 5:10 pm من طرف admin
» شرح للوحة تحكم السيرفر Whm
الإثنين سبتمبر 29, 2008 5:09 pm من طرف admin
» الشيخ أحمد عبدو عوض الطب النبوي
الأحد يوليو 13, 2008 12:00 pm من طرف admin
» الامساك: اسبابه و علاجه
الأحد يوليو 13, 2008 11:38 am من طرف admin
» نوح (عليه السلام)
الأحد يوليو 06, 2008 9:55 pm من طرف admin
» إدريس (عليه السلام)
الأحد يوليو 06, 2008 9:53 pm من طرف admin
» آدم (عليه السلام)
الأحد يوليو 06, 2008 9:49 pm من طرف admin
» فضل صلاة الوتر ...}~
الخميس يونيو 12, 2008 9:26 pm من طرف admin
» كيف تسوي ملمع الشفاة "Gloss" في بيتك
الجمعة مايو 09, 2008 2:06 pm من طرف أبومنذر
» سلامة الطفل
الجمعة مايو 09, 2008 1:37 pm من طرف أبومنذر
» نسخة أوفيس 2007 كاملة وباللغة العربية ( office 2007 ) بروابط
الجمعة مايو 02, 2008 9:13 pm من طرف papa
» صفقة مع الشيطان
الإثنين مارس 31, 2008 1:33 am من طرف ورد
» الرهان الصحيح
الإثنين مارس 31, 2008 1:33 am من طرف ورد
» من عوامل سقوط العباسيين
الأحد مارس 30, 2008 11:27 pm من طرف أبومنذر
» غزوات ومعارك-الحروب الصليبية.. متى تكون النهاية ؟
الأحد مارس 30, 2008 11:23 pm من طرف أبومنذر
» غزوات ومعارك-** معركة القادسية **
الأحد مارس 30, 2008 11:17 pm من طرف أبومنذر
» غزوات ومعارك-** معركة اليرموك **
الأحد مارس 30, 2008 11:12 pm من طرف أبومنذر
» غزوات ومعارك-** غزو الصين **
الأحد مارس 30, 2008 11:09 pm من طرف أبومنذر