إكتشاف لوحة فسيفسائية أثرية بمساحة 50 م2 في ريف حلب

إكتشاف لوحة فسيفسائية أثرية بمساحة 50 م2 في ريف حلب
الاكتشاف النوعي والهام للبعثة الوطنية السورية بالتعاون مع مديرية الآثار والمتاحف بحلب للوحة الفسيفسائية والتي يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي في منطقة وادي الساجور / جرابلس / في ريف حلب دلل على المكانة الحضارية والتاريخية والدينية لهذه المنطقة



والتي تؤكد من جديد أن سوريا مهد الحضارات والتعايش الديني منذ القدم ولأهمية هذا الإكتشاف تابعت البعثة السورية أعمال التنقيب والكشف في نفس المنطقة عن باقي محتويات اللوحة ومايحيط بها من مقتنيات ولقى أثرية قديمة واستطاعت إبراز المعالم الأساسية الكاملة للوحة .

ومتابعةً لهذا الإكتشاف الأثري ألتقت سيريانيوزمع الدكتور يوسف كنجو رئيس البعثة فتحدث عن أهمية هذا الإكتشاف موضحاً " أن اللوحة هي أرضية لدير سرياني يعود إلى القرن السادس الميلادي وتبرز عليها مفاهيم فلسفية دينية مستمدة من تعاليم الديانة المسيحية . كما تعبر عن قدرة الفنان في ذلك الوقت على ربط الحياة الدينية بالبيئة التي يعيش فيها " .

وأضاف " أن اللوحة تتميز أيضاً بوجود مشهدين مختلفين الأول هندسي والثاني حيواني نباتي نادراً مانجده في لوحات الموزاييك المكتشفة سابقاً . ففي المشهد الأول الذي يأخذ الجزء الأكبر من اللوحة نجد ست مراكز متناضرة كل مركز عبارة عن ثمانية أضلاع وضمنه يوجد أيقونة تمثل أحد الحيوانات . ونلاحظ أن الأشكال الهندسية رسمت بطريقة ثلاثية الأبعاد وتخدع البصر وتشبه ماكيتات البيوت مع وجود ست أيقونات على شكل / أزهار نصف متفتحة – قنديل – أيقونة مهترئة – طائر / الحجل/ – ضفائر مجدولة – ثور مع شجرة / ويحيط بكل أيقونة رئيسية أربع أيقونات ثانوية تم طمس معالمها الرئيسية . أما في المشهد الثاني فيظهر طاوسان متقابلان ثم أربعة مشاهد حيوانية متناضرة . ثلاثة منها تمت طمس معالمها الأثرية وبقي مشهد واحد يمثل لحظة الافتراس حيث يظهر حيوان مفترس قد يكون ذئب ينقض على حيوان أليف / غزال / ويظهر آثار الانقضاض بخروج الدم من جسم الفريسة . كما يوجد في وسط المشهد شجرتان إحداهما تمثل شجرة التفاح التي ترمز إلى شجرة المعرفة والثانية شجرة السرو . ومن الجهة اليمنى يوجد أيضاً شجرتان ذات ثمار تشبه الإجاص ويحاط كل مشهد ببراعم الورد التي لم تتفتح بعد وهي بأعداد كبيرة " .

وأكد السيد كنجو " أن هناك ناحية مهمة في اللوحة وهو وجود كتابات باللغة السريانية مما يعطي بعداً أخراً للوحة وتعطينا معلومات وافية عن تاريخ واسم رئيس وباني الدير وهي لاشك معلومات تدل على عراقة الحضارة السورية القديمة وعلاقتها بالحضارات الأخرى " .

ونوه إلى " أن التنقيبات أثبتت أن الدير المكتشف هو من صنع أبناء المنطقة في تلك الفترة أي له طابع شرقي أصيل . وبالتالي تاريخ اللوحة يعود إلى فترة حساسة جداً وهي فترة الأيقونات وبالتحديد الفترة الانتقالية حيث يلاحظ في عدة مناطق من اللوحة طمس أوإزالة الأيقونة وترميم المكان بأسلوب جميل " .

وأشار " أن اللوحة تتميز بحجمها الكبير الذي يصل إلى /50م2/ دون نقص أو ضياع لأي جزء من أجزائها مما يعطيها أهمية تاريخية كونها تلقي الضوء على تاريخ المنطقة . وتدل على إنتشار الديانة المسيحية والتقاليد السريانية في موقع الإكتشاف ,يمكن ربطها بالمواقع المكتشفة حديثاً في حوض الفرات كتل العمارنة على الضفة اليمنى للنهر والقريب من موقع الإكتشاف , ودير قنسرين الذي تم اِكتشافه العام الماضي على الضفة اليسرى وذلك لتشكيل وإعادة رسم الخارطة الأثرية بشكل جيد في شمال سورية والتأكيد مجدداً أن سورية كانت ومازالت مهد للحضارات والتعايش الديني منذ القدم بين الشعوب والحضارات " .