بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله والبركاته
الحمد لله رب العالمين، خلق الإنسان من علق، وعلمه ما لم يكن يعلم وفضله على كثير ممن خلق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماء، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين بعثه ربه بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فإن الذي دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع أنه من خلال مطالعتي لكتب السنة النبوية بمصادرها المتنوعة كانت تمر علي مواقف عظيمة لهذه المرأة المسلمة الصحابية الجليلة، فاستوقفني ذلك فرأيت أن أجمع تلك المواقف في مؤلف واحد عسى أن يكون حافزا قويا لكل المسلمات نحو الاقتداء بهؤلاء الصحابيات الفضليات.
لا سيما ونحن في عصر ضاعت فيه القيم وتبدلت فيه المفاهيم وصار التقليد الأعمى في أوساط الشباب من الذكور والإناث في كثير من البلدان الإسلامية السمة الغالبة تقليدا للغرب وخاصة فيما يتعلق بالنساء، وما نراه اليوم من التفسخ والتبرج في هذا العالم جزء من هذا التقليد الأعمى، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى تبجيل النساء الفاجرات من ممثلات ومغنيات وعارضات أزياء وغيرهن ممن كن على شاكلتهن بل وتسمية بعضهن بالنجوم اعتزازا وافتخارا بهن مما يدل على أن الأمة تمر بمرحلة خطيرة من الانحطاط.
فكان لزاما على أهل العلم مقاومة هذا الانحطاط والبحث عن علاج له ومن ذلك فيما أرى إبراز الجوانب المضيئة من سير الصالحات وعلى رأسهن الصحابيات اللاتي شاركن منذ البعثة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في تثبيت دعائم هذا الدين ونشره وقد عرفن بسرعة الامتثال لأوامر الشرع وحسن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد التزمت في هذه الرسالة منهجا معالمه أنني لا أورد لك من الأحاديث إلا ما صح، وغالبها في الصحيحين أو في أحدهما خلافا للمعهود في توسع كثير من المؤلفين في باب المناقب من ذكر الأحاديث الضعيفة اعتقادا مني أن ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الأحاديث فيه غنية عما لم يثبت.
كما أنني لا أطيل التعليق على هذه المواقف بل أكتفي بأن أقدم بين يدي الموضوع بتمهيد يبين للقارئ فحوى الموقف ليكون على علم بالمقصود قبل الدخول في التفاصيل، ثم بعد الانتهاء من ذكر كل موقف أعلق عليه بما يكشف عن حقيقته مشيرا إلى ما فيه من المحاسن والمناقب مما يلفت النظر بعبارات وجيزة وهذا أوان الشروع في المقصود فأقول وبالله تعالى التوفيق وعليه التكلان.
اسمها ونسبها:
أم سليم اشتهرت بكنيتها واختلف في اسمها فقيل سهلة وقيل رميلة وقيل مليكة كما أنها وصفت بأوصاف كثيرة منها الغميصاء أو الرميصاء .
وهي أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية اشتهرت بكنيتها.
نبذة يسيرة عن قبيلة أم سليم رضي الله عنها:
وهي كما تقدم من الأنصار التي آوت رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين من المؤمنين، وتكونت اللبنة الأولى للدعوة الإسلامية في ربوع بلدهم (المدينة) وقد تنزلت في شأنهم آيات من كتاب الله، فهم والمهاجرون هم السابقون الأولون.
وهم الذين عناهم الله بقوله جل ثناؤه ((والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) سورة الحشر آية 9 .
وكانوا هم الغالبية العظمى في غزوة بدر وأحد، وبيعة الرضوان وغير ذلك من المشاهد المتميزة في الإسلام.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدر لهم تلك المواقف، ومن أقواله المحفوظة عنه في الأنصار قوله صلى الله عليه وسلم : الناس شعار، والأنصار دثار وقال صلى الله عليه وسلم : أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي ، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم .
وقال صلى الله عليه وسلم : الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله .
بل يكفيهم فخرا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لولا الهجرة لكان امرءا من الأنصار لما لهم من مكانة في قلبه صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم مبينا مكانتهم: لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار فقال أبو هريرة راوي الحديث: ما ظلم بأبي وأمي آووه ونصروه أو كلمة أخرى .
فمناقب الأنصار رضي الله عنهم وثناؤهم في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا يصعب على المرء حصرها، وإيواؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين في دارهم منقبة لم يشاركهم فيها أحد، ودورهم في الدعوة وتضحيتهم بالمال والنفس في سبيلها غير خاف على أحد، فرحم الله الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء ا لأنصار.
الموقف الأول: أم سليم الأنصارية والزواج:
لقد أولى الإسلام الزواج اهتما خاصا لما فيه من أثر عظيم في تكوين اللبنة الأولى للمجتمع، فإذا صلحت تلك اللبنة صلح المجتمع فمن أجل ذلك حث الإسلام على أن يختار كل طرف الآخر على أساس من الدين فقال صلى الله عليه وسلم مخاطبا الأزواج: فاظفر بذات الدين تربت يداك .
وفي المقابل حث أولياء أمور النساء على قبول من تقدم إليهم بالزواج منهن إذا كان من أهل الاستقامة فقال صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض .
فإذا كان الأمر كذلك فتعالوا ننظر إلى أم سليم الأنصارية رضي الله عنها كيف كان زواجها في الجاهلية والإسلام.
عاشت في بداية حياتها كغيرها من الفتيات في الجاهلية قبل مجيء الإسلام فتزوجت مالك بن النضر، فلما جاء الله بالإسلام، وظهرت شمسه في الأفق واستجابت وفود من الأنصار أسلمت مع السابقين إلى الإسلام وعرضت الإسلام على زوجها مالك بن النضر، فغضب عليها، وكان قد عشش الشيطان في رأسه، فلم يقبل هدى الله، ولم يستطع أن يقاوم الدعوة لأن المدينة صارت دار إسلام فخرج إلى الشام فهلك هناك والذي يظهر لي أن زوجها لم يخرج إلى الشام تاركا وراءه زوجته وابنه الوحيد إلا بعد أن يئس أن يثني أم سليم عن الإسلام فصار هذا أول موقف يسجل لأم سليم رضى الله عنها وأرضاها لأننا نعلم حجم تأثير الزوج في زوجته وأولاده، فاختيار أم سليم الأنصارية الإسلام على زوجها في ذلك الوقت المبكر ينبيء عن عزيمة أكيدة، وإيمان راسخ في وقت كان الاعتماد في تدبير البيت والمعاش وغير ذلك من أمور الحياة على الرجل، ولم تكن المرأة قبيل مجيء الإسلام تساوي شيئا، فكونها أخذت هذا القرار من الانفصال بسبب الإسلام عن زوجها الذي في نظرها يعتبر كل شيء في ذلك الوقت فيه دلالة على ما تمتاز به هذه المرأة المسلمة من الثبات على المبدأ مهما كلفها من متاعب.
زواجها في الإسلام :
أما زواجها في الإسلام فذاك هو العجب بعينه ولم يتكرر في التاريخ مثله فعن أنس رضي الله عنه قال: خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم فقالت: أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسأل غيره، فأسلم وتزوجها أبو طلحة .
وفي رواية عند الحاكم أن أبا طلحة خطب أم سليم يعني قبل أن يسلم فقالت: يا أبا طلحة الست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض نجرها حبشي بني فلان، إن أنت أسلمت لا أريد من الصداق غيره، قال: حتى أنظر في أمري فذهب فجاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، فقالت: يا أنس زوج أبا طلحة.
فانظر كيف أن أم سليم أرخصت نفسها في سبيل دينها ومبدئها وكيف أنها استعملت الحكمة للوصول إلى هدفها، فهي من جهة بينت له ضلال ما هو عليه من عبادة الأشجار والأوثان وذلك ما تستقبحه الطبائع السليمة ومن جهة ثانية مدحته بما فيه من الخصال الطيبة وأثنت عليه بقولها (مثلك لا يرد) أي أن فيك من صفات الرجولة والحسب والجاه ما يدعو للزواج منك لولا هذه الخصلة من الكفر، ثم لم تقف عند هذا الحد بل رغبته في الزواج منها بأن أسقطت مهرها مقابل إسلامه، فكانت بذلك أول امرأة جعلت مهرها إسلام زوجها فصارت سببا في دخول أبي طلحة في الإسلام فحازت بذلك على الفضيلة التي وعد بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم بقوله: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم .
الموقف الثاني: أم سليم الأنصارية مع ابنها أنس بن مالك في تربيته:
حينما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانت الأنصار ومن كان فيها من المهاجرين مشغولين باستقبال النبي صلى الله عليه وسلم فرحين مستبشرين بمقدمه صلى الله عليه وسلم فجاء الجميع وهاجس كل واحد منهم أن يتشرف برؤيته صلى الله عليه وسلم وتنافس الجميع في أن ينزل النبي صلى الله عليه وسلم عنده ليتشرف بجواره، فصار ذلك نصيب أبي أيوب الأنصاري، فأقبلت الأفواج على بيته لزيارته صلى الله عليه وسلم ، فخرجت أم سليم الأنصارية من بين هذه الجموع، ومعها ابنها أنس رضي الله عنهما فقالت: يا رسول الله هذا أنس يخدمك قال أنس رضي الله عنه: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف ولا لم صنعت ولا ألا صنعت. وكان أنس حينئذ ابن عشر سنين فخدم النبي صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة حتى مات، فاشتهر أنس بخادم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد يتبادر إلى ذهن بعض الناس أن أم سليم رضي الله عنها إنما فعلت ذلك تخلصا من أنس لأنه رضي الله عنه كان من غير زوجها أبي طلحة الحالي، والزوج غالبا ما يضيق ذرعا بأولاد زوجته من غيره، وحاشا أن يكون ذلك من أم سليم بل إن ابنها كان في نظرها كل شيء لدليل أن أنسا رضي الله عنه كان يبيت ويأكل من بيت أمه، وكان مع النبي- صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي يحتاج فيها إلى الخدمة.:
السلام عليكم ورحمة الله والبركاته
أم سليم الأنصارية
أم سليم الأنصارية ... مفخرة لكل مسلمة
الحمد لله رب العالمين، خلق الإنسان من علق، وعلمه ما لم يكن يعلم وفضله على كثير ممن خلق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماء، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين بعثه ربه بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فإن الذي دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع أنه من خلال مطالعتي لكتب السنة النبوية بمصادرها المتنوعة كانت تمر علي مواقف عظيمة لهذه المرأة المسلمة الصحابية الجليلة، فاستوقفني ذلك فرأيت أن أجمع تلك المواقف في مؤلف واحد عسى أن يكون حافزا قويا لكل المسلمات نحو الاقتداء بهؤلاء الصحابيات الفضليات.
لا سيما ونحن في عصر ضاعت فيه القيم وتبدلت فيه المفاهيم وصار التقليد الأعمى في أوساط الشباب من الذكور والإناث في كثير من البلدان الإسلامية السمة الغالبة تقليدا للغرب وخاصة فيما يتعلق بالنساء، وما نراه اليوم من التفسخ والتبرج في هذا العالم جزء من هذا التقليد الأعمى، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى تبجيل النساء الفاجرات من ممثلات ومغنيات وعارضات أزياء وغيرهن ممن كن على شاكلتهن بل وتسمية بعضهن بالنجوم اعتزازا وافتخارا بهن مما يدل على أن الأمة تمر بمرحلة خطيرة من الانحطاط.
فكان لزاما على أهل العلم مقاومة هذا الانحطاط والبحث عن علاج له ومن ذلك فيما أرى إبراز الجوانب المضيئة من سير الصالحات وعلى رأسهن الصحابيات اللاتي شاركن منذ البعثة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في تثبيت دعائم هذا الدين ونشره وقد عرفن بسرعة الامتثال لأوامر الشرع وحسن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد التزمت في هذه الرسالة منهجا معالمه أنني لا أورد لك من الأحاديث إلا ما صح، وغالبها في الصحيحين أو في أحدهما خلافا للمعهود في توسع كثير من المؤلفين في باب المناقب من ذكر الأحاديث الضعيفة اعتقادا مني أن ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الأحاديث فيه غنية عما لم يثبت.
كما أنني لا أطيل التعليق على هذه المواقف بل أكتفي بأن أقدم بين يدي الموضوع بتمهيد يبين للقارئ فحوى الموقف ليكون على علم بالمقصود قبل الدخول في التفاصيل، ثم بعد الانتهاء من ذكر كل موقف أعلق عليه بما يكشف عن حقيقته مشيرا إلى ما فيه من المحاسن والمناقب مما يلفت النظر بعبارات وجيزة وهذا أوان الشروع في المقصود فأقول وبالله تعالى التوفيق وعليه التكلان.
اسمها ونسبها:
أم سليم اشتهرت بكنيتها واختلف في اسمها فقيل سهلة وقيل رميلة وقيل مليكة كما أنها وصفت بأوصاف كثيرة منها الغميصاء أو الرميصاء .
وهي أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية اشتهرت بكنيتها.
نبذة يسيرة عن قبيلة أم سليم رضي الله عنها:
وهي كما تقدم من الأنصار التي آوت رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين من المؤمنين، وتكونت اللبنة الأولى للدعوة الإسلامية في ربوع بلدهم (المدينة) وقد تنزلت في شأنهم آيات من كتاب الله، فهم والمهاجرون هم السابقون الأولون.
وهم الذين عناهم الله بقوله جل ثناؤه ((والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) سورة الحشر آية 9 .
وكانوا هم الغالبية العظمى في غزوة بدر وأحد، وبيعة الرضوان وغير ذلك من المشاهد المتميزة في الإسلام.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدر لهم تلك المواقف، ومن أقواله المحفوظة عنه في الأنصار قوله صلى الله عليه وسلم : الناس شعار، والأنصار دثار وقال صلى الله عليه وسلم : أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي ، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم .
وقال صلى الله عليه وسلم : الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله .
بل يكفيهم فخرا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لولا الهجرة لكان امرءا من الأنصار لما لهم من مكانة في قلبه صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم مبينا مكانتهم: لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار فقال أبو هريرة راوي الحديث: ما ظلم بأبي وأمي آووه ونصروه أو كلمة أخرى .
فمناقب الأنصار رضي الله عنهم وثناؤهم في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا يصعب على المرء حصرها، وإيواؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين في دارهم منقبة لم يشاركهم فيها أحد، ودورهم في الدعوة وتضحيتهم بالمال والنفس في سبيلها غير خاف على أحد، فرحم الله الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء ا لأنصار.
الموقف الأول: أم سليم الأنصارية والزواج:
لقد أولى الإسلام الزواج اهتما خاصا لما فيه من أثر عظيم في تكوين اللبنة الأولى للمجتمع، فإذا صلحت تلك اللبنة صلح المجتمع فمن أجل ذلك حث الإسلام على أن يختار كل طرف الآخر على أساس من الدين فقال صلى الله عليه وسلم مخاطبا الأزواج: فاظفر بذات الدين تربت يداك .
وفي المقابل حث أولياء أمور النساء على قبول من تقدم إليهم بالزواج منهن إذا كان من أهل الاستقامة فقال صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض .
فإذا كان الأمر كذلك فتعالوا ننظر إلى أم سليم الأنصارية رضي الله عنها كيف كان زواجها في الجاهلية والإسلام.
عاشت في بداية حياتها كغيرها من الفتيات في الجاهلية قبل مجيء الإسلام فتزوجت مالك بن النضر، فلما جاء الله بالإسلام، وظهرت شمسه في الأفق واستجابت وفود من الأنصار أسلمت مع السابقين إلى الإسلام وعرضت الإسلام على زوجها مالك بن النضر، فغضب عليها، وكان قد عشش الشيطان في رأسه، فلم يقبل هدى الله، ولم يستطع أن يقاوم الدعوة لأن المدينة صارت دار إسلام فخرج إلى الشام فهلك هناك والذي يظهر لي أن زوجها لم يخرج إلى الشام تاركا وراءه زوجته وابنه الوحيد إلا بعد أن يئس أن يثني أم سليم عن الإسلام فصار هذا أول موقف يسجل لأم سليم رضى الله عنها وأرضاها لأننا نعلم حجم تأثير الزوج في زوجته وأولاده، فاختيار أم سليم الأنصارية الإسلام على زوجها في ذلك الوقت المبكر ينبيء عن عزيمة أكيدة، وإيمان راسخ في وقت كان الاعتماد في تدبير البيت والمعاش وغير ذلك من أمور الحياة على الرجل، ولم تكن المرأة قبيل مجيء الإسلام تساوي شيئا، فكونها أخذت هذا القرار من الانفصال بسبب الإسلام عن زوجها الذي في نظرها يعتبر كل شيء في ذلك الوقت فيه دلالة على ما تمتاز به هذه المرأة المسلمة من الثبات على المبدأ مهما كلفها من متاعب.
زواجها في الإسلام :
أما زواجها في الإسلام فذاك هو العجب بعينه ولم يتكرر في التاريخ مثله فعن أنس رضي الله عنه قال: خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم فقالت: أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسأل غيره، فأسلم وتزوجها أبو طلحة .
وفي رواية عند الحاكم أن أبا طلحة خطب أم سليم يعني قبل أن يسلم فقالت: يا أبا طلحة الست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض نجرها حبشي بني فلان، إن أنت أسلمت لا أريد من الصداق غيره، قال: حتى أنظر في أمري فذهب فجاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، فقالت: يا أنس زوج أبا طلحة.
فانظر كيف أن أم سليم أرخصت نفسها في سبيل دينها ومبدئها وكيف أنها استعملت الحكمة للوصول إلى هدفها، فهي من جهة بينت له ضلال ما هو عليه من عبادة الأشجار والأوثان وذلك ما تستقبحه الطبائع السليمة ومن جهة ثانية مدحته بما فيه من الخصال الطيبة وأثنت عليه بقولها (مثلك لا يرد) أي أن فيك من صفات الرجولة والحسب والجاه ما يدعو للزواج منك لولا هذه الخصلة من الكفر، ثم لم تقف عند هذا الحد بل رغبته في الزواج منها بأن أسقطت مهرها مقابل إسلامه، فكانت بذلك أول امرأة جعلت مهرها إسلام زوجها فصارت سببا في دخول أبي طلحة في الإسلام فحازت بذلك على الفضيلة التي وعد بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم بقوله: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم .
الموقف الثاني: أم سليم الأنصارية مع ابنها أنس بن مالك في تربيته:
حينما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانت الأنصار ومن كان فيها من المهاجرين مشغولين باستقبال النبي صلى الله عليه وسلم فرحين مستبشرين بمقدمه صلى الله عليه وسلم فجاء الجميع وهاجس كل واحد منهم أن يتشرف برؤيته صلى الله عليه وسلم وتنافس الجميع في أن ينزل النبي صلى الله عليه وسلم عنده ليتشرف بجواره، فصار ذلك نصيب أبي أيوب الأنصاري، فأقبلت الأفواج على بيته لزيارته صلى الله عليه وسلم ، فخرجت أم سليم الأنصارية من بين هذه الجموع، ومعها ابنها أنس رضي الله عنهما فقالت: يا رسول الله هذا أنس يخدمك قال أنس رضي الله عنه: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف ولا لم صنعت ولا ألا صنعت. وكان أنس حينئذ ابن عشر سنين فخدم النبي صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة حتى مات، فاشتهر أنس بخادم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد يتبادر إلى ذهن بعض الناس أن أم سليم رضي الله عنها إنما فعلت ذلك تخلصا من أنس لأنه رضي الله عنه كان من غير زوجها أبي طلحة الحالي، والزوج غالبا ما يضيق ذرعا بأولاد زوجته من غيره، وحاشا أن يكون ذلك من أم سليم بل إن ابنها كان في نظرها كل شيء لدليل أن أنسا رضي الله عنه كان يبيت ويأكل من بيت أمه، وكان مع النبي- صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي يحتاج فيها إلى الخدمة.:
الأحد أغسطس 02, 2009 4:24 pm من طرف admin
» لنقل موقع من سيرفر الى سيرفر
الإثنين سبتمبر 29, 2008 5:14 pm من طرف admin
» شرح كيفية الدخول الى سيرفرك عن طريق الـ ssh
الإثنين سبتمبر 29, 2008 5:10 pm من طرف admin
» شرح للوحة تحكم السيرفر Whm
الإثنين سبتمبر 29, 2008 5:09 pm من طرف admin
» الشيخ أحمد عبدو عوض الطب النبوي
الأحد يوليو 13, 2008 12:00 pm من طرف admin
» الامساك: اسبابه و علاجه
الأحد يوليو 13, 2008 11:38 am من طرف admin
» نوح (عليه السلام)
الأحد يوليو 06, 2008 9:55 pm من طرف admin
» إدريس (عليه السلام)
الأحد يوليو 06, 2008 9:53 pm من طرف admin
» آدم (عليه السلام)
الأحد يوليو 06, 2008 9:49 pm من طرف admin
» فضل صلاة الوتر ...}~
الخميس يونيو 12, 2008 9:26 pm من طرف admin
» كيف تسوي ملمع الشفاة "Gloss" في بيتك
الجمعة مايو 09, 2008 2:06 pm من طرف أبومنذر
» سلامة الطفل
الجمعة مايو 09, 2008 1:37 pm من طرف أبومنذر
» نسخة أوفيس 2007 كاملة وباللغة العربية ( office 2007 ) بروابط
الجمعة مايو 02, 2008 9:13 pm من طرف papa
» صفقة مع الشيطان
الإثنين مارس 31, 2008 1:33 am من طرف ورد
» الرهان الصحيح
الإثنين مارس 31, 2008 1:33 am من طرف ورد
» من عوامل سقوط العباسيين
الأحد مارس 30, 2008 11:27 pm من طرف أبومنذر
» غزوات ومعارك-الحروب الصليبية.. متى تكون النهاية ؟
الأحد مارس 30, 2008 11:23 pm من طرف أبومنذر
» غزوات ومعارك-** معركة القادسية **
الأحد مارس 30, 2008 11:17 pm من طرف أبومنذر
» غزوات ومعارك-** معركة اليرموك **
الأحد مارس 30, 2008 11:12 pm من طرف أبومنذر
» غزوات ومعارك-** غزو الصين **
الأحد مارس 30, 2008 11:09 pm من طرف أبومنذر